انتشرت في الآونة الأخيرة بشكلٍ لافت مسألة تجارة السيارات الواردة في عددٍ من مناطق الدولة، وبعيداً عن الإيجابيات التي تدرّها تلك التجارة من فرصٍ تجارية ورفعٍ لشأن قطاع تجارة السيارات في محاولات ناجحة لجعل دولتنا مقصداً للسيارات الواردة، لكن مرفوض تماماً في سبيل تحقيق ذلك الهدف أن يستهان بحقوق المستهلك والتوجه إلى استيراد سيارات «مشطوبة» أو «مكنسلة»، أو غارقة جراء الفيضانات والظروف الجوية الصعبة في البلدان العائدة لها، أو حتى تلك السيارات المتضررة بشكل جسيم جراء الحوادث. والمشكلة لا تقف عند هذا الحد، فمن حق التجار أن يعرضوا بضاعتهم، ومن حق الزبائن أيضاً أن يختاروا ما يناسبهم من تلك السيارات إن كان بالإمكان إصلاحها وإعادة وضعها كما كانت كي تكون في حالة مناسبة وملائمة فنياً للاستخدام على شوارعنا وطرقاتنا، لكن ليس من حق التجار أو معارض السيارات أو حتى معارض المزادات إخفاء حقائق مهمة عن المشترين فيما يخص حالة ووضعية تلك السيارات، وهو ما يعد مخالفة صريحة لحقوق المستهلك. كثيراً ما نسمع عن حوادث نصب واحتيال فيما يخص مجال تجارة السيارات الواردة، والسؤال المطروح هنا؛ إلى متى ستبقى هذه السوق دون تنظيم واضحٍ وصريح؟ وإلى متى سيبقى وضع السيارات وحالتها الفنية وسجلها من الحوادث مبهماً وغير معلن؟! في حين أنه يمكن معرفة سجل السيارات المسجلة داخل الدولة من حوادث سواء بسيطة أو جسيمة عن طريق موقع وزارة الخارجية، ومثل هذا الأمر أنا صراحةً أعتبره إنجازاً كبيراً لمنظومتنا الحكومية في السيطرة على قطاع السيارات المسجلة بالدولة، وضبط أي تجاوز أو تلاعب في سجلاتها، لكن في ما يخص السيارات الواردة نحن حقاً بحاجة إلى وقفةٍ صارمة وعملٍ منظم لضمان ضبط السوق وحماية المستهلكين وسمعة هذه التجارة المهمة في وطننا. ومن المقترحات التي أجدها نافعة، إيجاد نظام أو موقع إلكتروني تُسجل به جميع السيارات الواردة إلى دولتنا بكل تفاصيلها وحالتها عند وصولها إلى الدولة سواء كان الغرض منها البيع على حالتها أو حتى بيعها بعد الإصلاح، ما يعطي للمستهلك الحق في الاطلاع على حالة السيارة وتاريخها قبل الشراء، كما أقترح أيضاً عمل تعميم بنموذج مبايعة يلزم المكتب أو معرض السيارات بوجود ضمان على السيارة المباعة لفترة معينة، حيث إن معظم العيوب الفنية في تلك السيارات قد تظهر بعد فترة من الاستخدام والتجريب، وبما أنني لست خبيراً في مجال السيارات ولا أستطيع أن أُملي على هذا القطاع أي نصائح أو اقتراحات غير مدروسة، لكن وجب علينا التنويه إلى وجود مشكلة أعتقد أنه يمكننا إيجاد حل لها بما يرضي جميع الأطراف. تجارة السيارات الواردة وقطع غيارها وإصلاحها موضوع مهم وكبير ويؤثر في اقتصادنا الوطني بشكلٍ هائل، وما أجده في هذا القطاع من مكتسبات وقدرة لتكون دولتنا وسيطاً بين الشرق والغرب، بين أوروبا وأمريكا وكندا والدول الإفريقية، يجعلنا مسؤولين عن حماية قطاع حيوي بهذا الحجم وبهذه المنجزات، وصحيح أني ممن ينادون دوماً بالسوق المفتوح وفتح الأبواب للتجارة بكامل حريتها، لكن هذا لا يمنع من وجوب وضع آليات تنظيمية مدروسة وفعالة لحماية الجميع، خصوصاً أن وجود مشاكل في ذلك القطاع قد يؤثر على قطاعات أخرى مثل قطاع التأمين الذي يتحمل أضرار وجود سيارات غير صالحة للاستخدام في شوارعنا، وأيضاً عدم تنظيم هذا الأمر قد يُلحق الضرر بمصالح البنوك التي تمول تلك السيارات، ولهذا لزم علينا وجود حلول جذرية قبل اللجوء إلى القضاء والمحاكم والدعاوى.