تنتشر للأسف بين فترة وأخرى مظاهر كراهية وعنصرية تتمثل في حرق نسخ من القرآن الكريم في بعض الدول الغربية، كان آخرها ما حدث في السويد أولاً ثم في الدنمارك، ومثل هذه الحوادث ليست هي الأولى من نوعها وليست هي الأخيرة، ورغم أن العديد من دول العالم، خصوصاً الدول العربية والإسلامية، نددت بمثل هذه التصرفات، وكان للإمارات وقفة حازمة بإصدارها بياناً يندد بهذا التصرف المتطرف، وطالبت حكومة الدنمارك بتحمُّل مسؤولياتها تجاه هذه الأفعال، وقامت باستدعاء القائم بأعمال السفارة السويدية للاحتجاج على مثل هذه التصرفات المتكررة، ولكن بعد كل هذه التحركات سواء الرسمية أو حتى الشعبية التي عبرت عن رفضها عبر منشورات في وسائل التواصل الاجتماعي؛ بعد كل هذا أليس من الواجب أن يكون للعالم وقفة تجاه مثل هذه التصرفات المشينة؟ على حكومات هذه الدول أن تعي أننا كمسلمين لنا الحق في أن يُصان كتابنا المقدس ورموزنا الدينية في دولهم، ونحن كمسلمين لن نعاملهم بالمثل، فلسنا نحن من نحرق كتاباً مقدساً أو رمزاً دينياً، ولا نحاول أبداً أن نسخر من أي مظاهر دينية لأي شخص في هذا العالم، وإن وجدت مثل هذه التصرفات نستهجنها ونعاقب عليها، وفي العديد من دولنا الإسلامية قوانين صارمة تعاقب كل مسيء لأي دين أو عرق، فلماذا لا تتحمل هذه الدول مسؤولياتها وتجد الضوابط والقوانين لمنع تكرار مثل هذه الحوادث؟! ودولنا من خلال بياناتها وتصريحاتها وتعاطيها مع المواقف تؤكد أن استفزاز مشاعر المسلمين بحرق نسخ من القرآن أمر مرفوض ولا يعد أبداً نوعاً من الحرية، فالحرية الغربية جاءت بمفهوم أن حريتك الشخصية تنتهي عندما تمس بحريات الآخرين، فأين هي الحرية طالما تمس حريات مليار ونصف المليار من البشر المسلمين؟! تأويل عجيب لمفهوم الحرية، ومتى كانت الحرية أن تؤذي الآخرين بمباركة وحماية الجهات الشرطية والحكومية؟! الكيل بمكيالين لن يؤدي إلا للمزيد من الاحتقان وتأزيم الأوضاع. في الحقيقة يجب أن نتساءل: لماذا هناك دول بعينها هي من تسمح بمثل هذه التصرفات رغم أن الإسلام والمسلمين لم يكونوا لا مصدر تهديد ولا إزعاج لهم؟! وعلى ما يبدو أننا كمجتمع إسلامي أكثر تسامحاً من بعض الشعوب، وهذه رسالة يجب أن تصل للجميع، نحن نرعى السلام والتسامح منذ سنوات ولم نشاهد حملة ولا مبادرة غربية ترعى مثل هذه القيم، خصوصاً أننا في زمن نتداخل ونتحاور فيه كثيراً، ونعيش في عالم بات غرفة صغيرة، ومن واجب الجميع احترام جيرانه، فلم نعد نبتعد عن بعضنا إلا أمتاراً قليلة، وأصبحنا جيراناً علينا أن نعيش ونتعايش ونتسامح ونتقارب، وننبذ سوياً كل مظاهر التفرقة والعنصرية، وسوياً تعني الجميع دون استثناء. ورسالتي لمثل هذه المجتمعات أن تتطلع لنموذجنا الإماراتي الذي عالج مثل هذه المشكلات قبل ظهورها، بأن وضع قانوناً حازماً ووضع خطة قابلة للتطبيق لنشر التسامح في المجتمع، وفي النهاية حقق النموذج فاعليته وأصبحنا دولة رمزها التسامح، ومجتمعاً قوامه التعايش وتبادل الاحترام.