من باب الفضول ومع كثرة الأخبار حول قدرات (ChatGPT) في الإجابة عن تساؤلات الأشخاص واستفساراتهم، قررت أن أطرح عليه تساؤلاً لحصر مشاكل الأسرة الإماراتية أو المجتمع الإماراتي بشكلٍ عام، وبغض النظر عن دقة المعلومات الواردة من ذلك التطبيق وقدرته على الإجابة عن هذا السؤال المعقد تعقيداً اجتماعياً وتحليلياً من عدمه، حاولت من خلال هذا الطرح تسليط الضوء على تحليل ChatGPT لمشاكل مجتمعاتنا وإجاباته عليها. ومن بين أهم المشاكل التي عرضها التطبيق؛ أولاً: الانفصال الاجتماعي وكثرة حالات الطلاق أو ما يعرف بتباعد مكونات الأسرة وانخفاض مستوى التفاعل بين أفراد المجتمع الواحد، وأجد أن التطبيق قد أوجد لنا واحدة من أهم المشاكل التي تواجه أسرنا حقاً، فحتى إن لم نتحدث عن نسب الطلاق المرتفعة إلا أن المشكلة الأكبر تكمن في التفكك الأسري، وأنا لا أقصد هنا التفكك بمفهوم الانفصال أو العداوة بين أفراد الأسرة، بقدر ما أقصد أنهم أصبحوا يعيشون تحت سقفٍ واحد جسدياً فقط، لكن عقلياً وشعورياً كلٌ منهم في عالمه وكينونته الخاصة. وثانياً: التغييرات المجتمعية أو ضغوطات الحياة العصرية، وما نقصده هو كثرة المتغيرات التي يعيشها المجتمع الإماراتي ما كان له أثر كبير على هويته وطبيعته، ولعله محقٌ فعلاً فنحن نعيش في مجتمعٍ بات ينسلخ من ثقافته وعاداته وتقاليده، وقلة قليلة ممن مازالوا متمسكين بتلك الأمور ويضعونها نصب أعينهم عند تربية أبنائهم، أو يطالبون بوجودها للحفاظ على هوية مجتمعنا وقيمته التي لطالما عرفت عنه أينما حط ورحل. ثالثاً: الإنفاق الزائد وإدمان الأمر، وليس هناك أي عجب في هذه الإجابة، فقد تحدثنا عن ذلك الأمر كثيراً ولو أنني أجد أن به نقطة إيجابية وهي أن صورتنا المنعكسة للعالم أننا كمجتمعٍ إماراتي نعيش حياة رغيدة كريمة، ولكن هذا لا يمنع من النظر إلى الجانب السلبي في الإنفاق الزائد عن الحد، لذلك فأنا أعترف بأن التطبيق تعرف على مشكلة أصيلة في مجتمعاتنا وأسرنا وإدمانها على التقليد الأعمى لهذا الأمر. رابعاً: عدم تحقيق التوازن بين العمل والحياة الأسرية، وأجد أن التطبيق محق أيضاً في هذه النقطة وإن كانت تعتبر مشكلة عامة تعاني منها الكثير من المجتمعات، لكن أسرنا الإماراتية تتأثر سلباً من هذا الموضوع بشكلٍ كبير، فنحن منغمسون في أعمالنا وأشغالنا ولا نكاد نلتفت لعوائلنا بالشكل والقدر المطلوبين، ربما لكثرة صعوبات الحياة ومتطلباتها، إنما تحقيق التوازن واجب ومطلب مهم لاستقامة أسرنا ومجتمعنا. لن أسأل ChatGPT على الحلول، فهي واضحة وصريحة وموضوعة أمامنا إما على الطاولة أو تلوح بالأفق، وكل ما علينا فعله هو أخذ الخطوة للقرب منها وتلمسها وإنزالها منزل التطبيق على حياتنا كأفرادٍ وأسرٍ وأصحاب قرارٍ لإصلاح حالنا وأحوالنا كل منا حسب مسؤولياته ونطاق تأثيره. صدقوني نحن لسنا بحاجة لـ(ChatGPT) ولا أي تطبيق آخر لإبلاغنا عن مشاكل مجتمعنا وأسرنا، بل كل ما نحن بحاجة إليه هو الأخذ بالحسبان إلى أي حال وصلت تلك العوائل وإلى أين نريد أن تمضي ويؤول بها الأمر، ذلك الأساس الذي لطالما تغنينا بأنه لبنة المجتمع وأهم مكون فيه، فباستقامته يستقيم كل شيء حولنا.