أينما ذهبنا وأينما توجهنا نجد عبارات لمقالات، مبادرات ومشروعات تنادي بالاستدامة بمختلف أشكالها وأنواعها، ولدينا في دولتنا مشروعات ضخمة وريادية لخلق بيئة مستدامة خصوصاً في مجالات الطاقة، والحقيقة أن دولتنا رائدة في هذا المجال ومتطورة جداً، ولكن من وجهة نظري أن الاستدامة يجب أن تدخل إلى وسط المجتمع الإماراتي، وأن تصبح ثقافة شبابنا في جميع أمور حياتهم، وأن تأخذ مكانتها في قراراتهم المستقبلية، خصوصاً أن مستقبلنا مرهون بقدرتنا على المحافظة على البيئة ومصادر الطاقة. المبادرات والمشروعات الحكومية والمؤسسية المعنية بالاستدامة لا تكفي وحدها، بل يجب على المجتمع تبني هذه الأفكار، وقد ذكرت في مقال سابق أننا نحتاج لعقول مستدامة، عقول تضع الاستدامة ضمن أولوياتها خصوصاً عند اتخاذ القرارات الحياتية، وللأسف يعاني مجتمعنا غياباً للوعي في بعض الممارسات ونحتاج لتقويم هذه السلوكيات وأن نصارح أنفسنا ونعترف بأن هناك هدراً كبيراً للطاقة وللموارد في بيوتنا ومجتمعاتنا. في مسألة بناء البيوت والمساكن نجد أن قلة قليلة ممن يفكرون بحلول وموارد وأنظمة وتكنولوجيا مستدامة ويحرصون على أن توجد في بيوتهم، على الرغم من أن هناك أنظمة مستدامة يمكنها توفير الكثير من الحلول والمصروفات على عوائلنا، وربما يعتقد البعض أن المشكلة تكمن في غلاء هذه المنظومات، وهذا غير صحيح، فأنظمة مثل الطاقة الشمسية التي توفر الكهرباء أو الأنظمة المستخدمة في الكثير من الدول لتوفير مياه ساخنة أو حتى الإنارة الخارجية التي تعتمد على الطاقة الشمسية أو حتى فلاتر تنقية المياه وإعادة استخدامها للري والتنظيف؛ كل هذه الأنظمة رخيصة أو تقترب كثيراً من أسعار مثيلاتها العادية. الآن لو تجولت في الأسواق تجد الكثير من الحلول الموفرة للطاقة وأبسطها أنظمة الإنارة، ولكن هناك من لا يكترث بمثل هذه الأنظمة، بل على العكس تجد من يحرص على عدم اقتنائها لكيلا يظهر بمظهر الموفر أو البخيل أو الحريص، فللأسف هناك فكرة مجتمعية خاطئة في هذا الجانب ومازالنا نعاني مشكلة حقيقة في حب الكثير منا للتفاخر والبذخ في الصرف، وقد لا تكون معايير الاستدامة مناسبة لهؤلاء، فهم من يعتقدون أنه كلما كان بذخهم أكثر كانت مكانتهم المجتمعية أعلى، ولهذا علينا أن نبني أفكار الاستدامة لتكون حاضرة في مجتمعاتنا بشكل فعلي وبتوجه جاد. اليوم لدينا فرصة حقيقة، لدينا جيل قادم باتَ يرى الاستدامة في كل مكان، في المدرسة، في نشرات الأخبار، في المعارض، ونريد أيضاً أن يجدها في البقالة وهو يمارس أبسط أمور حياته، هذا الطرح يفتح لك باباً خلفياً لتعيد النظر في سلوكك المستدام، وفي النهاية أودّ أن اسألك عزيزي القارئ، كم تقيّم نفسك وقراراتك بالنسبة للاستدامة؟ وهل فعلاً مجتمعاتنا بحاجة إلى التغيير في أنماط التفكير، لتصبح مستدامة؟ أنتظر مشاركاتكم. المبادرات والمشروعات الحكومية والمؤسسية المعنية بالاستدامة لا تكفي وحدها.