أين ترى نفسك؟ هل أنتَ طيب أم شرير؟ حسن النية أم خبيث؟ هل صادفت شخصاً يقول عن نفسه إنه طيب؟ وهل سألتَ نفسك عن سبب طيبته؟ هل هو قال ذلك من قلة حيلته أم لهوانه على الناس؟ أم إنه يسامح والمسامح كريم. هل طيبته عن قدرة ومقدرة أم إنها سذاجة منه؟ هل حكمت عليه بأنه طيب لأنه ساكت عن حق؟ أم لأنه يريد أن يقتضي حقه بصمت كالحية أو الثعبان يزحف على بطنه إلى أن يُباغت فريسته فيلدغها؟ كيف وجدت مَن حولك من طيبين؟ هل هم طيبون بالاسم فقط أم واقعاً؟
كثيراً ما نسمع أن فلاناً طيب، أو هو يقول عن نفسه إنه طيب، وإنه كما يقول المثل «القطة تأكل عشاه». أمثال هؤلاء هل هم طيبون فعلاً؟ اسمحوا لي أن أضع نفسي في موضع الحكم عليهم لأقول إن الطيبة شأنها عظيم، فقد قدّسها الله عز وجل، إذ قال نبيه عليه الصلاة والسلام: «إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً».
لذلك فلا يصح ولا يمكن أن يَسم أحدهم نفسه بالطيبة، كونه عاجزاً عن ذلك، فهذا الإنسان ليس طيباً، وإنما هو شيطان أخرس، لأنه سكت وتجاوز عن إساءته أو هضم حقه.
نحن نعيش بين أطياف مختلفة، فهناك من هو شرير، ومن هو لئيم وخبيث، بقدر ما فيها من أناس خيّرين، إلا أن هذا التخالط يستوجب أن يقف الإنسان على حقه بالحجة والدليل والبرهان، لا أن يتغاضى ويُهمِل حقه، ثم يقول: «أنا طيب».
أنت يا سيدي لست طيباً، بل أنت قد تكون عاجزاً ومتقاعساً أو تمتلك صفات عكس ذلك.
أنا هنا لا أتحدث عن إنسان قد يُظلم ممن هو أقوى منه بمراحل، بل أتحدث عن الأمثال والأقران، عمن يجانسك في قدره ومكانته، ما الذي يحملك على ألا تُقاضيه أو تقتضي حقكَ منه؟ هل صدقاً لأنك طيب؟
لا يا سيدي أنت لست كذلك، بل إنك أردتَ أن يوصِمك الناس بذلك فقط، ولست أهلاً لذلك.
الطيبة رحمة ورحمانية، سمة العفو عند المقدرة طيبة، المسامحة والتنازل بعد التمكن طيبة، التغاضي والتجاهل عن المسيء وأنت قادر على رد إساءته عليه طيبة، أما غير ذلك فهو تقاعس وخذلان، فلا تقل إنك طيب وأنت عكس ذلك.
twitter.com/dryalsharif
www.ysalc.ae
محامي وكاتب إعلامي