كثر الحديث في الآونة الأخيرة من قِبل بعض المحللين الاقتصاديين والسياسيين عن مفهوم «الاقتصاد المعرفي» أو «اقتصاد المعرفة»، وهذا ليس مفهوماً جديداً أو حديثاً، بل تم تداوله قبل سنين، ولكن يثار حوله النقاشات بين حين وآخر بطرق وصور مختلفة. قبل عشر سنوات راح العالم يتغنى باقتصاد المعرفة الذي تقوده شركة «أبل» وقدرتها الابتكارية، التي جعلت قيمتها السوقية تفوق كبريات شركات التصنيع العالمية، والأمر لا يقتصر على أبل أو غيرها من الشركات، فبقيام شخص أو شركة على ابتكار منصة معينة أو تقديم خدمة معينة بطريقة أسهل وأسرع ستفوق قيمتها السوقية قيمة أبل في قادم السنوات. بالنظر لخريطة اقتصاد المعرفة العالمي، وأين نحن من هذه الخريطة، وأقصد هنا أننا كوننا دولاً عربية نجد أن حجم اقتصاد المعرفة لدينا قليل جداً، ولا يوجد له تأثير عالمي، وينحصر تأثير هذا الاقتصاد في دول مثل أمريكا والصين، والتي تقدم شركاتها خدمات عالمية تثري اقتصاد المعرفة لهذه الدول. نحن اليوم في عصر الثروات، عصر الوفرة بخلاف ما كان سائداً في العصور السابقة، والتي كان الاقتصاد فيها لمن يمتلك البضاعة بصرف النظر عن جودتها، فالوفرة قليلة والطلب كبير، لكن اليوم كل شيء متاح، ويوجد من البدائل الكثير والكثير، وإذا لم يعجبك نوع من الأنواع أو خدمة من الخدمات ستأخذ الأخرى، وهنا يتحتم على الجميع تقديم ما هو أفضل لكسب السوق، ولهذا تتنافس الشركات العالمية لتقديم أفضل الابتكارات بأفضل جودة وبأقل الأسعار، بينما كان هذا الأمر يصعب تحقيقه سابقاً، فإن كنت تريد الجودة العالية ستدفع مبالغ أكبر، لكن تقريب المسافة بين الجودة والسعر هو العامل المهم، الذي أوجدته لنا المعرفة. اليوم أصبح بإمكان شركة أو شخص معين ابتكار آلية تصنيع معينة باستخدام وسيلة ابتكارية، توفر الوقت والجهد وبجودة عالية، وبهذا يكسب السوق بشكل أكبر وأفضل، وتستطيع شركة أن توجد التكنولوجيا اللازمة لتسهل عملية التقاء البائع والمشتري وتكسب هي الملايين من هذه المقاربة، وهذا الأمر يحتاج للمعرفة التي تجعل منك أو من شركتك رائدة في مجال معين.