كم من شخص يعيش بيننا يحمل بعض العقد والتعقيدات التي توارثها من محيطه الداخلي والخارجي.

للأسف قد يظن بعض الأسر أن ما يدور في المنزل من مشكلات لا يؤثر في أولادهم، وأنها مجرد مناوشات أو خلافات عائلية لا يخلو منها أي منزل، لأنهم أيضاً قد تربوا على ذلك الأمر، وها هم اليوم والحمدالله بخير وصحة ولا يعانون شيئاً.

في الواقع هم يعانون، لكنهم يجهلون حقيقة ما يعانونه، لأن أجمل ما في الإنسان هو إعجابه بعقله ورضاه عنه، فلا أحد يرى نفسه ناقص عقل، بل هو الكمال كله، ومَن حوله لا يفهمونه، وهذه مشكلتهم هم.

فالأب والأم عندما يتشاجران فهما يمارسان الطقوس اليومية التي ربما تربيا عليها في بيئتهما، وعندما تعلو أصواتهما فهذا هو «الرتم» العادي للصوت في المنزل، لكن أطفال هذه الأيام «دلوعين»، وعندما تمتد الأيدي إليهم فهذه تعد مصارعة حرة، فالطفل يرى التلفاز وحلبات المصارعة، ولا ننسى أنه يمارس اللعب الإلكتروني الذي لا يخلو من ضرب، أم إنك تكيل بمكيالين، وتريد أن تحمّلنا ذنب عقد هذا الولد.

الولد – وأعني به الذكر أو الأنثى – كما تربّونه يُمثّلكم. نعم، فهو يشعر منذ نشأته الأولى بما يدور حوله من حب وبغض، لذلك قد يرى بعض خبراء الاجتماع أن خير علاج لمثل هؤلاء الأطفال هو انفصال الوالدين عن بعضهما بعضاً، لكن شريطة أن يكون انفصالاً ناجحاً، أو ما يسمى «الطلاق الناجح» الذي لا تترتب عليه أي مشكلات بعد الفراق، سواء مسألة النفقات أو الحضانة وغيرهما، وبالأخص مسألة الرؤية والمبيت التي لا تخلو من نزاعات متعددة تغير قلب الطفل وتُشغِله.

أقول دائماً إن الدور الأساسي في كل ذلك عائد إلى الأم التي هي بحق مدرسة، كما قال أمير الشعراء أحمد شوقي. لنعش حياة متوازنة، ليس شرطاً أن نكون دائماً الفائزين، فلا مانع من أن نضحي مرات، على أن تكون تضحيات حقيقية، وليست شعارات فقط وعناوين في الحياة، وذلك رحمة منا بأطفالنا الذين يشكلون جيل اليوم وجيل الغد، فالطفل كما تربّونه يُمثّلكم.

محامي وكاتب إعلامي

twitter.com/dryalsharif

www.ysalc.ae

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Get Appointment

Feel free to contact us and we will get back to you as soon as possible