كانت بداية العام الجديد أشبه بشروق شمس على أرض خصبة تنتظر أن تُزرع. امتلأت نفوسنا بالحماسة، وبدأنا في رسم أحلامنا وتخيل اللحظة التي نصل فيها إلى أهدافنا.
ولكن كما أن الشمس قد تحجبها الغيوم، فقد حجب روتين الأيام الأولى زخم البدايات، وتسلل شعور التأجيل والفتور إلى النفوس. هل يعني هذا أن الوقت قد فات؟ بالطبع لا.
فقدان الحماسة ليس نهاية الطريق، بل هو جزء طبيعي من الرحلة.
تخيل أنك في سباق طويل، وشعرت بالتعب فجأة، وتوقفت لتلتقط أنفاسك.. هذا التوقف ليس هزيمة، بل فرصة لتقييم موقعك ومراجعة خطواتك، وربما تغيير الاتجاه. الأمر يشبه ذلك الفنان الذي يتوقف أمام لوحته ليتأملها من بعيد، لا ليتركها، بل ليعود إليها برؤية أكثر وضوحاً، وأفكار جديدة.
قصة تلهمنا في هذا السياق لشاب بدأ مشروعاً صغيراً بحماسة كبيرة، ووضع خططاً دقيقة، وحدد أهدافاً واضحة. ولكن بعد أشهر عدة، اصطدم بتحديات مالية لم يكن مستعداً لها، ما أشعره بالإحباط ودفعه للتفكير في التراجع.
جلس مع صديق مقرب، وشارك معه مخاوفه وتردده. نصحه صديقه بإعادة النظر في تفاصيل خطته، وتقسيمها إلى مراحل أصغر، والتركيز على خطوات عملية قابلة للتحقيق.
استجاب الشاب للنصيحة، وبدلاً من السعي لتحقيق نجاح سريع، ركز على خطوات صغيرة ثابتة. مع مرور الوقت والصبر، تحوّل مشروعه إلى قصة نجاح حقيقية، أثبتت له أن التغيير لا يحتاج إلى معجزات، بل إلى رؤية واضحة وإصرار على الاستمرار.
استعادة الزخم تبدأ بالعودة إلى نقطة البداية: لماذا وضعت هذا الهدف؟ ما الشعور الذي تخيلت أنك ستعيشه عند تحقيقه؟ تذكر دوافعك الأصلية، فهي الشرارة التي تشعل حماستك من جديد. ثم قسّم أهدافك الكبيرة إلى خطوات صغيرة، لأن الإنجازات الصغيرة تمنحك إحساساً بالنجاح وتحفزك على الاستمرار.
ولا تنسَ أن تكون مرناً. الحياة لا تسير دائماً كما نخطط، وقد تحتاج إلى تعديل أهدافك أو تغيير أولوياتك. هذا ليس فشلاً، بل علامة على النضج والقدرة على التكيف. أحياناً، يكون الحديث مع شخص تثق به كفيلاً بمنحك رؤية جديدة ودافعاً قوياً.
في النهاية، استعادة الزخم ليست مسألة وقت، بل قرار. كل خطوة صغيرة تخطوها تُقربك من هدفك، وما دامت الشمس تشرق كل صباح، فإن الفرصة دائماً موجودة لتبدأ من جديد. لا تخشَ البدايات الجديدة، فربما تكمن أعظم قصص النجاح خلف محاولة لم تكتمل.. ولكن لم تتوقف. فالحياة تمنحنا الفرص كل يوم، لكن الشجاعة تكمن في ألا نتوقف عن المحاولة.