هموم المستهلكين لا تنتهي أبداً مهما حاولنا حلها، وهذه حقيقة علينا الاعتراف بها، لكن التغافل عنها أيضاً مصيبة تضر الكثير من الأشخاص والعوائل، وللأمانة والحقيقة أن المؤسسات المعنية بحماية المستهلك ومنع أي ضرر يقع عليه من أي جهة أو مؤسسة تقوم بدورها مشكورة، ولكن في بعض الأحيان حتى هذه المؤسسات تجد صعوبة في الوقوف بوجه شركات ومؤسسات تعمل بين حين وآخر، على تجاوز قوانين حماية المستهلك وتقوم بكل ما هو مستطاع للإضرار بمستهلكها. نقول دائماً بأن الزبون على حق، وهذا صحيح إن كانت المنافسة كبيرة، ولكن دون وجود المنافسة فمقدم الخدمة أو السلعة هو من على حق، وللأسف بعض القطاعات لدينا دائماً ما نجدهم يلتفون على مستهلكينا وتحميلهم أعباء مالية إضافية دون وجه حق فقط لأن هناك ثغرات في بعض الأنظمة والقوانين تتيح لهم هذا الأمر. البنك المركزي مشكوراً يقوم بأدوار كثيرة في حماية مصالح المتعاملين مع البنوك والمؤسسات المالية في الدولة، ولكنه يواجه تحديات في إيجاد حلول أو تسويات لرد الغبن عن المستهلك، وهذا قد يوحي بوجود خلل في بعض الأنظمة والقوانين التي تحتاج أحياناً إلى قرارات أو سلطات تفوق ما هو موجود لإلزام أغلب البنوك على القبول ببعض التسويات أو الانضباط لبعض التعليمات أو المبادرات التي تنتهجها الدولة لمواجهة أزمة أو حالة طارئة، وصديقنا المستهلك المسكين قد يجد نفسه في حيرة لعدم وجود جهة تراجع معه حقوقه والتزاماته غير المحاكم والتي غالباً ما تكون مرهقة ومكلفة على المستهلك وهذا جانب يستغله البعض فيتمادون في فرض الرسوم والاقتطاعات دون وجه حق أو بالاستناد على قوانين يراها المستهلك مجحفة في حقه. بخصوص هيئة تنظيم الاتصالات، فإن المستهلك يشكو من صعوبة استخدام قناة تمكنه من تقديم شكوى ضد مزودي الخدمات، ولذلك ما زال المستهلك يجد نفسه الطرف الأضعف خصوصاً وأن جميع القوانين والأنظمة تقف في صف مزودي الخدمة فيتجرع المستهلك ضرراً كبيراً من بعض الممارسات التي يقوم بها مزود الخدمة لاستغلال حاجة المستهلك أو توريطه في اشتراكات أو خدمات لم يقم بشرح جميع تفاصيلها أثناء التعاقد له، وللأسف حتى بعض العقود في هذا الخصوص غير واضحة بجميع تفاصيلها، وفي النهاية مستهلكنا هو المتضرر من هذا الوضع ولا يجد بديلاً إلا القبول بكل ما يمليه عليه مزود الخدمة فحتى الرقم الذي يستخدمه وعليه ذكرياته وأسراره وجميع تعاملاته الحكومية والبنكية والشخصية هي ملك لمزود الخدمة ومستهلكنا ما هو إلا مستأجر وإذا ما تعثر بأي أمر أو اضطر لمغادرة الدولة لبعض الوقت سيجد نفسه فاقداً لحقوقه في استرجاع محفظة أسراره ويمكن لمزود الخدمة طرح رسوم إضافية لاسترجاعه أو حتى حرمانه منه للأبد. المستهلك يشكو أيضاً من بعض الممارسات التي يقوم بها ملاك العقارات أو الشركات المطورة للمشاريع من قيامهم بفرض رسوم كبيرة سواء على الخدمات أو الصيانة أو ما يعرف بالرسوم السنوية التي تكون أحياناً قريبة جداً من سعر إيجار الوحدة السكنية، فالمستهلك يسأل نفسه لماذا أدفع سعر العقار وأنا مجبر على دفع رسوم سنوية قريبة من إيجار العقار، فأين الفائدة من كل هذا؟، ويحق للمستهلك أن يتساءل عن هذا الأمر، ومن حقه أن يجد إجابة من المؤسسات المعنية لتقديم حلول تحفظ حقه في مبالغ طائلة دفعها ليرتاح من الإيجار ليجد نفسه مالكاً مستأجراً. عزيزنا المستهلك نجده لا يريد إلا من يسمع همومه ومشاكله، وبعد أن أقفلت برامج البث المباشر أبوابها أمام بعض الشكاوى ضد القطاع الخاص، فأين يذهب بعدما لم يجد من ينصفه، فالقوانين المنظمة لهذا الأمر لا تمسك العصا من الوسط في بعض الأحيان، والمستهلك دائماً ما يقول لنفسه سوف أضيّع الكثير من الوقت لملاحقة حقوقي وسوف أتعطل عن أعمالي وحياتي فآخذها من قصيرها، وأقبل بشروط بعض الشركات حتى تسير حياتي بشكل طبيعي، في حين أن من حقه أن يجد جهة ترعى حقوقه فنحن ننشد السعادة على أرضنا، وكل هذه المنغصات يجب أن يكون لدينا حلول لها فعزيزنا المستهلك يجب أن يكون سعيداً في جميع تعاملاته ومطمئناً لحفظ حقوقه ومتأكداً من وجود سلطة أقوى تحمي مصالحه.