حين تتجسّد المبادئ التي بُنيت عليها دولة الإمارات في أفعال القائمين على السلطة القضائية، نُدرك أن العدالة هنا ليست مجرّد تطبيق جافّ للقانون، بل هي امتداد لنهج إنساني رسّخه القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، الذي كان يؤكّد على الدوام أن الإنسان هو الثروة الحقيقية لهذا الوطن.
الواقعة التي أفردت لها صحيفة «الإمارات اليوم» صفحتها الأولى، أخيراً، والتي كان بطلها المستشار القاضي حميد آل علي، في محكمة أم القيوين، هي أكثر من مجرّد قصة إنسانية.. هي مشهد يعكس كيف يمكن للقاضي أن يوازن بين نص القانون وروحه.. حين وقف الرجل الأفغاني المخالف لقوانين الإقامة مع طفله الصغير الذي كان يرتدي الكندورة الإماراتية، وقال الطفل بثقة: «أنا زايد».. لم تكن المسألة غرامة تُفرض أو مخالفة تُسجَّل، بل كانت لحظة تُستنطق فيها القيم التي تربّى عليها أبناء هذا الوطن.
موقف القاضي حين خلع وشاح علم الدولة ووضعه على كتف الطفل، قائلاً: «زايد لا يُغرَّم.. زايد يُكرَّم»، لم يكن عاطفة لحظية، بل كان تعبيراً عن فلسفة عدل متجذّرة في وعي القضاة الذين يدركون أن وراء كل ملف قضية، هناك إنسان، وهناك قصة، وهناك معاناة قد لا تُدوَّن في الأوراق.
الأجمل أن هذا الموقف الإنساني حظي بإشادة شخصية من صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي قال بعبارة تُلخّص الرؤية الإماراتية للعدالة: «هكذا نُكرم الناس.. وهكذا نُكرم اسم زايد».
هذا التفاعل بين القيادة والقضاء يرسل رسالة بليغة: العدالة في الإمارات لا تُبنى على الصرامة وحدها، بل على التوازن بين الحزم والرحمة. ومن هنا، أجدها فرصة لأكرّر ما دعونا إليه مراراً: أن يكون النهج القضائي أكثر قرباً من الناس، وأكثر فهماً للظروف الإنسانية، وأكثر مرونة في تأويل النص حين تتطلّب الروح ذلك.
تحيّة للقاضي آل علي، ولقيادة تجعلنا نستبشر بقضاء يتنفّس إنسانية، ويحمل روح زايد في كل حُكم يُصدره.
www.ysalc.ae