لا يمر أسبوع إلا وتجد مقالاً يستعرض جانباً من جوانب الهوية، أو تجد منشوراً على مواقع التواصل يحث عن وجوب الحفاظ على الهوية الوطنية أو يستعرض أثرها الإيجابي على سلوك مجتمعاتنا، وهذا أمر أجده إيجابياً فنحن جميعاً متفقون على أن هويتنا الوطنية قيمة لا يمكن التنازل عنها في فكر ومعتقدات أبنائنا، ولكن ألا يجب أن نسأل أنفسنا سؤالاً أجده أهم من التركيز على الهوية ومقوماتها، وهو لماذا نخاف على هويتنا رغم كل هذه المطالبات والتحذيرات والإشارات؟ عندما نتحدث عن هويتنا الإماراتية فيجب أن نقول الحقيقة بأننا من أحرص المجتمعات على إيجاد هذه الهوية وغرسها في أبنائنا، والحديث هنا عن شعورنا بقيمة هويتنا وتأثيرها في جيلنا المستقبلي، وبالحديث عن عملنا المؤسسي، فهناك الكثير من المبادرات التي تعزّز من هذا الأمر، وإذا ذهبت إلى الإعلام فستجد الكلام الكثير والتغني بهويتنا وقيمها الراسخة، فمن أين يأتي الخوف إذاً؟ الخوف بوجهة نظري أجده في تداخل الأمور ببعضها بعضاً، فنحن للأسف لم نميّز بين أن تكون إنساناً منفتحاً على الآخر ومتقبلاً للجميع وبين أن يكون لديك كيانك الخاص وهويتك الخاصة، ورغم بساطة الأمر إلا أنه معقد فعلاً. في أحيان كثيرة تجد شعوباً وقبائل أو بعض المجتمعات المنغلقة التي تزرع في أجيالها حب هويتهم أو قبيلتهم أو ترسم لنفسها خطوطاً عريضة فلا تسمح بالاقتراب منها أو الدخول إليها أو حتى الخروج منها، فتجد في بعض المناطق وجود شعوب منغلقة على نفسها ولا يسمحون لأي فكرة أو لأي شخص بالدخول لداخلهم، وأذكر أنني كنت في زيارة لإحدى الدول ومررت بمنطقة قالوا لنا لا تدخلوها لأن أهلها لا يقبلون بأي غريب أن يدخل إليهم، وهؤلاء مهما كانت سلبيات ما يفعلون والتي لا تتناسب مع عصرنا الحالي إلا أنهم يحافظون على تقاليدهم وهويتهم الخاصة، ولكن أن تكون إنساناً أو مجتمعاً منفتحاً على الآخر تأخذ منهم وتعطيهم هذا لا يتعارض أبداً مع مسألة الهوية الخاصة، بل بالعكس أن تفرض قيمتك وقيمة مجتمعك بالمحافظة على تقاليد معينة تجد فيها تعبيراً عن نفسك ومجتمعك كالملبس والمأكل واللغة والدين وحتى في الهوية الثقافية والفكرية، ولهذا علينا أن نُفرق جيداً بين أن تكون منفتحاً وأن تكون صاحب هوية ثابتة تعبر عن نفسك ومجتمعك. نحن كمجتمع إماراتي استقبلنا الجميع على أرضنا ورسمنا معهم تناغماً يصعب إيجاده في مجتمعات عاشت وتعايشت مئات السنين، ومن هذه المكتسبات تشكل هويتنا الوطنية، في مدارسنا، في مجالسنا، في بيوتنا، يجب أن نخلق هذه الحالة ونوجد هذه الثقافة، ويجب علينا ألا ننكر أننا شعب يحب وطنيته ويحب هويته ويحب إنجازاته، ولا يوجد فينا من ينكر علينا قيمنا أو ينتقدها أو يتأذّى منها، وعلينا أن نتصالح مع هذا الواقع وأن نعزّز من تصالحنا مع طبيعتنا وطبيعة دولتنا، وعلى مؤسساتنا ومن يرسم نهج أجيالنا أن يتصالح مع هذا الواقع ويرسم هويتنا بناء على هذه المعطيات، وأولاً وأخيراً علينا أن نُميّز بين انفتاحنا من جانب وبين هويتنا الخاصة من جانب آخر. نحن كمجتمع إماراتي استقبلنا الجميع على أرضنا ورسمنا معهم تناغماً يصعب إيجاده في مجتمعات عاشت وتعايشت مئات السنين. twitter.com/dryalsharif www.ysalc.ae محامي وكاتب إعلامي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Get Appointment

Feel free to contact us and we will get back to you as soon as possible

احصل على موعد

لا تتردد في الاتصال بنا وسنعاود الاتصال بك في أقرب وقت ممكن