انطلقت في دبي أول من أمس، النسخة العاشرة من القمة العالمية للحكومات لعام 2023، واستكمالاً لـ10 سنواتٍ من النجاح في جعل هذا الحدث منصة عالمية، من جانب للتعرف إلى ملامح العمل الحكومي المستقبلي واستعراض أبرز التحديات التي تواجهه، ومن جانب آخر للتطلع على الفرص الممكنة لاستشراف المستقبل والبحث في إمكاناته ومقوماته، وكيفية الاستعداد له والتخطيط للاستفادة من كل جوانبه. ولعل أبرز ما في هذه الدورة من القمة استضافة جمهورية مصر العربية كضيف شرف، وتواجد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ليكون حاضراً في إحدى الجلسات الرئيسة، وتأتي هذه الاستضافة بعد سلسلة من اللقاءات الودية التي جمعت قيادتنا الإماراتية بالقيادة المصرية وتبادل الزيارات بواقع مستمر خلال فترات زمنية قصيرة ومتلاحقة، وهذا إن دل على شيء فيدل على أن دولتي الإمارات ومصر تمضيان في تفاهم كبير في ما يخص مستقبل كلتا الدولتين. ومن يتابع الحوار الشيق الذي تم مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، سوف يجد عُمق العلاقة الأخوية بين مصر والإمارات، ولم تخلُ كلماته وعباراته من التعبير عن شكرهِ واعتزازهِ بما قدمته الإمارات للوقوف مع مصر في أوقاتها الصعبة، ونحن أيضاً نستذكر جميع المواقف التي وقفت فيها مصر مع دولتنا مؤكدةً أن أمننا من أمنها، ولعل القمة العالمية للحكومات تؤكد مرةً أخرى أنها منصة لتعميق العلاقات والعمل المشترك مع الأصدقاء والأشقاء. وفي جانبٍ مغاير، نجد أن القمة العالمية للحكومات تستشرف المستقبل مرة أخرى، حيث تضع أمام العالم تصوراً لمتغيرات العصر وتأثيره على كل مناحي حياتنا، وكيف تستمر التكنولوجيا في رصد تحركاتنا كبشرية وترافقنا في جميع تفاصيل يومنا، وبأن الحكومات الناجحة هي من توظف هذه التكنولوجيا لتُحَسّن عملها وخدماتها المقدمة لمواطنيها، وأيضاً أن التطور الذي تشهده التكنولوجيا يُحَتّم على الحكومات أن تستشرف مستقبلها بناءً على قدرات هائلة للتقنيات الحديثة والتي سوف تُغَيّر وبكل تأكيد شكل الحياة التي نعرفها كلياً خلال السنوات العشر المقبلة؛ هذا ما تقوله جلسات القمة وهو أيضاً ما نلاحظه من خلال متغيرات كثيرة باتت تطرأ علينا بشكلٍ كبير ولافت. وبخلاف تعميق العلاقات واستشراف المستقبل، فإن القمة العالمية للحكومات هذا العام تخلق التوازن بين التعريف بخطط دولتنا وتوجهاتها المستقبلية ومنهجها في تحسين المعيشة بالنسبة لسكانها وشعبها، وبين التحديات التي تواجه العالم وكأنها تقول بصورة غير مباشرة؛ صحيح أن العالم بأكمله يعاني أزمات وتحديات، إلا أن هذا الأمر يعتبر فرصة من وجهٍ آخر حتى نتعلم من تجاربنا الناجحة ونستثمرها في بناء قدراتنا بما نمتلكه من مقومات، وأن نختار ما يناسبنا كدول وأفراد للخروج من الظلمات إلى النور؛ ولا يهم الكيفية أو الطريقة، إنما المهم هو الخروج من النفق المظلم والدخول في عدّاد الدول المتقدمة. ستبقى القمة العالمية للحكومات محور اهتمام القادة في الكثير من الدول كمنصة عالمية لها صداها الواسع في التعبير عن أفكارهم الناجحة ورؤياهم للمستقبل الذي يطمحون إليه لدولهم وبلدانهم، ولشعوبهم ومناطقهم، وستبقى منصة لتبادل الأفكار والآراء كما لو كانت طاولة نقاش كبيرة تلتقي بها الأمم لتتعارف وتتناقش وتستفيد من التجارب المشتركة.