خلال الأيام الماضية بدأ عرض الفيلم العربي «أصحاب ولا أعز» على منصة نتفليكس، فيلم أثار الجدل كثيراً، لكونه يحمل أفكاراً غربيةً معلبةً، ولهذا أحببت أن أسميه «أصحاب ولا أعرّ»، والحقيقة عندما قررت أن أتناول موضوع الفيلم كان هناك توجهان: الأول يقول إن كثرة الحديث عن مثل هذه الأفلام ما هي إلا مطلب لصُناعه ليكسبوا شهرة وانتشاراً أوسع، والتوجه الثاني أننا لسنا نقاداً فنيين، إنما نحن حراس على المجتمع ومن حق المجتمع علينا، بوصفنا كتاباً وأصحاب أقلام، أن نرصد سلوكيات وأنماطاً سلوكية نجد فيها ما يسيء لمجتمعاتنا فنتصدى له. مثل هذه الأفلام لم تتناول موضوع المثلية الجنسية فقط، بل عمدت أن تجمع الكثير من السلوكيات الخاطئة على طاولة واحدة، ولقد حذرت مراراً وتكراراً من منصات الأفلام العالمية التي لا تخضع لأي محددات أخلاقية، وتفتح الباب على مصراعيه لكل ما هو شاذ ودخيل على مجتمعاتنا، وفي الوقت نفسه، لا يمكننا نكران أن هذه المنصات باتت منتشرة وموجودة في معظم البيوت، والحذر من دخولها بات ضرباً من الخيال، فقد أصبحت ملاذاً لسهرات الكثير من شبابنا وحتى عوائلنا، ولهذا علينا التغيير في الاستراتيجية الدفاعية. فيما مضى كان الخوف كل الخوف على الفتاة، لكونها الحلقة الأضعف في المجتمع، وانجرارها نحو بعض الممارسات يسيء لسمعتها وسمعة عائلتها، ولكن اليوم بات الخوف على الأولاد أمراً يزداد يوماً بعد يوم، فهناك موجة موجهة لنشر المثلية واعتبارها أمراً واقعاً في المجتمعات، ولهذا علينا أن نواجه مخاوفنا ونصارح أولادنا بحقائق هذه الأمور بطرق مهذبة وعلمية ودينية ومجتمعية، ليتكون لديهم ردة فعل طبيعية وسليمة، بدلاً من محاولة إقناع أنفسنا بأنه يمكننا إخفاء أو حجب هذه المفاهيم المغلوطة عنهم. إن حجبنا عنهم منصات الأفلام، وجدوا ما هو سيئ في منصات التواصل الاجتماعي، وإن لم يجدوها هناك، وجدوها في أحاديث بعض الأصدقاء والزملاء، ولهذا من الأسلم أن نواجه هذه الحقائق، وأن نجعل علاقتنا مع أولادنا علاقة مفتوحة في هذا الجانب، وبدلاً من جعل الحديث في هذه الأمور من المحرمات وجب أن نجعل لديهم عقلية متزنة قادرة على تصنيف الأمور وتكوين ردة فعل رافضة من تلقاء أنفسهم لها، فمهما اعتقدنا بأن زمام الأمور بأيدينا، فإننا نجهل الكثير عن حياة أولادنا وعوائلنا، وأسلم طريق أن نجعل علاقتنا بهم علاقةً مبنيةً على الصراحة والتفاهم والحوار لنستطيع في أي لحظة التدخل لإنقاذ الموقف. نحن نريد لمجتمعاتنا أن يكون لديها ردة فعل مناسبة تجاه كل ما يعرض أمامها ولا نريد أن نوجه الانتقادات ورسائل الحذر بعد كل فيلم أو مسلسل أو حتى لعبة، فهذه الأمور سنواجهها كثيراً في مقبل الأيام. يعتقد البعض أن علاقتنا بتقويم السلوك تنتهي بعد دخول أولادنا مرحلة الزواج وتكوين الأسرة، ولكن في الحقيقة في هذه المرحلة يجب أيضاً أن نقوّم سلوكهم، فنحن لا نريد لشكل أسرنا وعلاقتها ببعضها البعض أن يكون فيها أي نوع من أنواع الرذيلة والفحش، فالأمر كما قلت لا يقتصر على المثلية بل أيضاً على الدياثة والخيانة والكثير من السلوكيات الدخيلة التي تجلبها لنا المنصات العالمية والتي لم تكتف بترجمة الأفلام، بل نقلت مضمونها بلغتنا ونجومنا وممثلينا. • علينا أن نواجه مخاوفنا ونصارح أولادنا بحقائق هذه الأمور بطرق مهذبة وعلمية ودينية ومجتمعية.