يعتقد الكثير من الرجال، للأسف، أن دوره تجاه أسرته أن يوفر لهم الحياة الكريمة فقط، وأن ذهابه للعمل كل يوم يعفيه من جميع الأدوار الأخرى تجاه أسرته، وفي الحقيقة عمل الرجل وكدّه لتأمين لقمة العيش ليس كافياً، ولا يمكننا اختزال دور الرجل بهذا الأمر فقط، حتى وإن كان دوراً أساسياً، خصوصاً أننا نعيش في زمن المقارنات والتباهي، فكيف سيكون موقف أسرتك وهم يشاهدون زملاءهم وأقاربهم وجيرانهم؟! وكيف هو شكل العلاقة بينهم وبين والدهم وهم لا يجدونها منك؟! ولا أقصد هنا المقارنة التي تحصل من الأولاد فقط، بل أقصد أيضاً المقارنة التي تحصل من زوجتك وهي تشاهد منشورات وسنابات وستوريهات صديقاتها على وسائل التواصل الاجتماعي. بعض الرجال تجده يعود للبيت حاملاً معه ثقل الدنيا، وما أن يطلب منه أحد أفراد الأسرة أي طلب، حتى تقوم الحرب العالمية الثالثة، وبعلو الصوت يعاتبهم بأنه عاد من العمل لتوه، ويقول لهم «ما يكفي قرف الشغل؟ ناقصكم إنتوا في البيت»، لا يا عزيزي، هم ليس لهم ذنب في مشاكلك مع مديرك ولا بأنك لم تُحقق «التارقيت» الخاص بك، ولا هي مشكلتهم ما تواجهه أنت في عملك، ولا أقصد هنا تلك الظروف الطارئة والمؤقتة التي تحدث ومن واجب الأسرة تحملها معك، إنما أقصد أسلوب الحياة بهذا الشكل وعلى هذا المنوال. بعض الرجال وللأسف لو سألته في أي الصفوف أولاده لا يعرف، والحذر عزيزي الرجل، فأسرتك تحتاج منك الكثير، تحتاج أن تكون معهم في ذكرياتهم، في مناسباتهم، في مراحل تطورهم، تحتاج الأسرة أن تخصص لهم بعض الوقت، حتى وإن كنت تجد الأمر صعباً، ويجب أن تفهم أن أوقاتك الجميلة معهم هي المخرج لمشاكل الحياة وظروفها، وعليك أن تفصل بين واجباتك تجاههم وواجباتك تجاه عملك، وألا تدع الأمور تتداخل ببعضها البعض. وهناك نوع من الرجال متناسٍ تماماً وجود أسرته، كلما سنحت له الفرصة تجده «ويا الربع» وتارك جميع المسؤوليات على زوجته، حتى حينما يقرر الخروج معهم في مشوار ينسق مع «ربعه» ليجلس معهم في كافيه ويترك أسرته تتجول في الأسواق وحدهم، وهذا حاله كحال السائق، لا فائدة منه إلا «التوصيلة»، ومثل هؤلاء مصيبة وحلت على العائلة. الأسرة كيان مترابط لا تستقيم إلا بترابط أركانها، فكيف لو كان عمودها مختلاً وغير متزن؟! سرعان ما ستسقط وتتخللها المشاكل من كل الاتجاهات، وأنت عزيزي الرجل، عمود وعمدة هذا البيت، وأنت المسؤول عن كل صغيرة وكبيرة فيه، ولا تعتقد أن توفير من ينوب عنك في التوصيل وشراء الاحتياجات والتدريس والمرافقة والحماية سيشفع لك، ولا تخدع نفسك بأن تقول «مش مقصر معاهم بشيء»، لا يا عزيزي إذا كنت تفكر هكذا فعليك أن تراجع نفسك وتعيد حساباتك، فأدوارك لا ينوب فيها عنك أي كائن مهما جملت الحقائق وبدلت المفاهيم. • الأسرة كيان مترابط لا تستقيم إلا بترابط أركانها، فكيف لو كان عمودها مختلاً وغير متزن؟