لعل من أبرز المشكلات التي تعانيها الأسر في هذا الزمان مشكلة عدم قدرة المرأة على خلق التوازن بين العمل والمسؤوليات الأسرية، ولن أتناول في طرح اليوم المسألة الجدلية الحاصلة برفض أو قبول عمل المرأة، بل أود التركيز على كيفية الموازنة بين الاثنين، فلا يمكن للمرأة في هذا الزمان أن تتنازل عن حقها في العمل وصناعة النجاح العملي والوظيفي، وفي الوقت نفسه يجب أن لا تتخلى عن دورها الأساسي في تربية الأجيال وخلق التوازن المجتمعي. من حق المرأة أن تسعى لتطورها الوظيفي، والحمد لله الأنظمة الإدارية في دولتنا كفلت وصانت ورعت وشجعت على حصول المرأة الإماراتية على هذا الحق، وفي المقابل على المرأة الإماراتية أن تقوم بدورها تجاه الدولة، ولا أقصد دورها الوظيفي، فهي نجحت بذلك واستطاعت أن تتبوأ أعلى المناصب وتثبت جدارتها، ولكن ما أقصده وأعنيه هو دورها في تنمية المجتمع وضمان استقراره مستقبلاً، وقد وضحنا في مقالنا السابق الذي تناول مشكلة انخفاض معدل الخصوبة وتأثيرها السلبي على مستقبل دولتنا وعلى الكثير من قطاعاتنا الحيوية، والمرأة تتحمل الكثير من العبء لحل هذه المشكلة، والحل يبدأ من عندها، ومسألة عزوفها عن الحمل والولادة هو السبب الرئيس لهذه المشكلة. ربما فشلت حملاتنا الإعلامية وحملات التثقيف المجتمعي في المحافظة على صورة المرأة وبيان دورها الأساسي في الإنجاب وتربية الأولاد، بل على العكس ركزت الحملات على صناعة المرأة في بيئة العمل ونسيت تماماً دورها الأسري، وحتى نزيد الطين بله راح الكثيرون في تصوير المرأة من المنظور الحديث التي هي تلك الصورة التي تُعبر عن الجمال الفائق والنجاح منقطع النظير، ووصفوها بأنها رائدة أعمال وسيدة مجتمع، وألغوا تماماً أن لها أدواراً مهمة في وجودنا كبشرية وبسببه، وحالنا في المستقبل متوقف عليه. تربية الأبناء مهمة سامية، وعلى المرأة أن تتذكر وهي تصعد على سلّم النجاح في بيئة العمل أن هناك سلّماً موازياً في المنزل عليها النجاح فيه، ومهمتها المحافظة على الأسرة وتماسكها، والسعي لتربية أجيال متزنة سوية تعبّر عن قيمنا المجتمعية وقادرة على حمل المسؤوليات الوطنية المستقبلية، وقبل هذا كله عليها أن تتذكر أن عزوفها عن دورها في الإنجاب لن يحقق لها النجاح الوظيفي، وأن هذا غير مرتبط بذاك، والقوانين المعمول بها في دولتنا تكفل للمرأة تحقيق هذا التوازن إن أرادت هي ذلك، ولا تظنوا أبداً أنني متحامل على المرأة، بل أنا متحامل على الصورة التي صوّرنا فيها المرأة وجعلناها تبتعد عن صورتها الحقيقية.