على الرغم من مرور أيام عدة على رحيل الشيخ خليفة، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، إلا أن الشوارع والبيوت والناس لايزالون يسكنهم الألم والحزن، فزعيمنا الراحل لم يكن قائداً فحسب، بل كان أباً راعياً لشؤون مواطنيه ورعيته، سعى لتسهيل حياتهم ورفعتهم وتحسين ظروف معيشتهم، كانت مرحلة حكمه عصراً للتمكين، استطاعت فيه الإمارات أن تخلق لنفسها مكانة عالمية في مختلف المجالات والأصعدة، فالحزن واجب على رحيله وفراقه، وعزاؤنا إيماننا بقضاء الله وقدره، وأننا مطمئنون كشعب بأننا في أيدٍ أمينةٍ تحت قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي عرفناه قائداً وبايعناه رئيساً، أينما حل حلت معه الخيرات، برؤيته وحكمته في التعاطي مع جميع الأمور، فخلال السنوات الماضية كان له دور كبير في حفظ الأمن والاستقرار في المنطقة، وكان شوكة في حلق كل من يعمل لمصلحة أجنداته التخريبية، فوقف موقف الفارس ممتطياً جواده ليحق الحق ويزهق الباطل، وها هو اليوم رئيساً يحمل معه قضايا الإمارات وقضايا الأمة العربية بأكملها، ليرتقي بها نحو آفاق جديدة، لا يصلها إلا القادة الشجعان. الإمارات دولة قانون ومؤسسات، ولديها إرث المغفور له الشيخ زايد، رحمه الله، الذي سيبقى بيننا ما حيينا، فعلاقتنا بقيادتنا علاقة استثنائية، يحكمها عرف اجتماعي وعقد يجمعنا بحكامها في كل شيء، لا يختلفون عنا ولا نختلف عنهم، نشعر بأوجاعهم وثقل مسؤولياتهم، ويشعرون بحاجاتنا وتطلعاتنا المستقبلية. خلال الأيام الماضية، ومع لحظة الانتقال السلس للسلطة، برهنت دولة الإمارات العربية المتحدة للعالم بأنها نموذج للاستقرار والتنمية، وأن السلام والتعايش هو جذر متأصل فينا وفي حكامنا، وأن إرث الاتحاد واجتماع الكلمة الذي بدأ قبل خمسين عاماً مازال باقياً فينا، نحميه بأرواحنا ودمائنا، ونذلل من أجله كل الصعاب، وتلك الصورة التي جمعت الآباء المؤسسين، أعادتها الذاكرة لنا ونحن نشاهد صورة حكام الإمارات وهم يجتمعون وينتخبون بالإجماع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، ليكون امتداداً لإرث زايد فينا وفي مجتمعنا وعلاقتنا مع العالم. النجاح المستقبلي حليفنا في ظل قيادة تؤمن بشعبها، وشعب يؤمن بقيادته، ويكن لها كل الحب والاحترام، ونحن على ثقة بأن خبرات رئيس الدولة، حفظه الله، ستنعكس إيجابياً على مستوى حياتنا ومشروعاتنا المستقبلية، فهو خريج مدرسة والده زايد، وجدناه سنداً وعضداً لإخوانه حكام الإمارات، وأباً روحياً لجيلنا بأكمله، وصديقاً وشريكاً موثوقاً به من القيادات العالمية بشكل عام، والعربية على وجه الخصوص، فسموه قائد صادق الجميع من أجل رفعة الإمارات، وتحقيق السلام والاستقرار والحياة الكريمة لشعبها، بايعناه وكلنا ثقة بأننا ماضون معه إلى الخمسين القادمة، وطريقنا رفعة وعلو شأنٍ. مع تولي الشيخ محمد رئاسة الدولة، سنمضي قدماً في التنمية والازدهار، وندشن مرحلة الريادة، لتكون دولتنا رائدة عالمياً في الكثير من المجالات، لنكون في مصاف الدول العالمية بجودة الصناعة والفكر، وفي وجهة نظري أننا سنبلغ هذه المكانة الرائدة تحت ظل قيادة سموه، فدولتنا بات لديها تاريخ في الريادة والتطلع باستمرار لتحقيق المكاسب وخلق الفرص، حتى نكون متميزين في جوانب عدة، وأن تكون دولتنا حاضنة للمشروعات والأفكار والشركات الريادية في مجالاتها، ومتبنية للمواهب وأصحاب الأفكار المتميزة، التي تخلق تغييرات جذرية في قطاعات مهمة، خصوصاً أننا نركز على العلوم المتقدمة والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وعلوم وتقنيات الجيل الرابع والخامس، وعلوم الفضاء والرقمنة الحكومية، وهذا سيخلق لنا فرصاً رياديةً، تكون فيها الإمارات لاعباً أساسياً في قطاعات مهمة مثل الصناعة والتجارة، وقطاع الخدمات والسياحة والضيافة، والقطاع المالي والمصرفي، وبعهد سموه القادم، سنحقق ونصل إلى أهدافنا المنشودة، فكلنا ثقة بذلك، وكلنا ثقة بأن سموه يشاطرنا الفكر، ويشاركنا الرؤى المستقبلية.