تلقى أهل دبي وأهل الإمارات، خبراً محزناً بوفاة سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، الذي يشهد له القاصي والداني بطيب الخلق، ويداه الممتدتين بالخير والإنسانية، المغفور له، تشهد له مشارق الأرض ومغاربها، بحسن سيرته ومسيرته المعطاءة، التي بذل فيها كل الجهود، من أجل خدمة الإنسانية، والتي رفعت دبي والإمارات عالياً، وجعلتها منارة لعمل الخير. المغفور له عمل بإخلاص وجد، من أجل نجاح اتحاد الإمارات، فقد كان حاضراً وشاهداً ومسانداً لهذه المسيرة، منذ يومها الأول، حتى لحظات عمره الأخيرة، بذل خلالها الغالي والنفيس، لجعل هذه الخطوة المباركة، أعظم نجاحات دولتنا، ولنا في هذا الأمر عبرة وحكمة، أن رجالات الاتحاد، ومنهم المغفور له، الشيخ حمدان بن راشد، كانوا مؤمنين بأننا كشعب، نستحق أفضل حياة، وأننا عندما نضع اليد باليد، نصنع المستحيل، هذا ما آمن به سموه، رحمه الله، وجزاه خيراً على ما صنع لشعبنا ولأمتنا. برحيل حمدان بن راشد، نستذكر صورة تعطينا الدرس وتعلمنا الحكمة، وهنا أتحدث عن علاقة الأخ بأخيه، وأقصد العلاقة الاستثنائية التي ربطت المغفور له، الشيخ حمدان، بأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، هذه العلاقة الأخوية، كانت نبراساً وصورة طيبة، ودرساً كبيراً، كيف تكون أخاً تساند أخاك في كل المواقف، صعبها وسهلها، فرحها وحزنها، صعودها ونزولها، هذا الأخ، كان لأخيه خير السند، ولطالما وضح سمو الشيخ محمد بن راشد، هذه العلاقة وماهيتها، وما الذي يميزها من وجهة نظره الشخصية، وذكر ذلك في كتابه «قصتي»، وعبّر عنها في العديد من منشوراته وتغريداته، هذه العلاقة التي نرى فيها النموذج لمجتمعنا، في كيف تكون العلاقة الأخوية، مهما علت المناصب، وتعددت الألقاب، وكثرت المسؤوليات، لتبقى العلاقة رابطها الإنسانية، والفطرة والتربية الصحيحة، التي تجعل الأخ يحترم أخاه، ويقدره ويسانده في مسيرته، وهذا درس نستذكره في هذه المحنة، لتكون ذكرى نستذكر فيها المغفور له، الشيخ حمدان بن راشد، وتكون لنا ولمجتمعاتنا ولأجيالنا، الدرس والحكمة. المغفور له، كان له نظرة مغايرة للعمل الإنساني والاجتماعي، فعندما نسترجع مسيرته في هذا الجانب، نجد أن أعماله الإنسانية، كانت منتقاة، وأقرب ما تكون إلى اختيارات تخصصية، كمراكز لعلاج القلب، ومراكز تعليمية تخصصية، فقد كان سموه، يعتبر العمل الإنساني، إحدى طرق الارتقاء، وليس فقط مسيرة عطاء، وإن كانت كذلك، إلا أنه، رحمه الله، أراد أن يساعد المجتمعات في أكثر الأشياء حاجة لها، وفي نفس الوقت، يقدم المساعدة للشباب، ليرتقوا بمجالاتهم التخصصية والتعليمية، فقد كان حريصاً على تطوير التعليم التخصصي، من خلال الأعمال الإنسانية، التي كان مشرفاً عليها في «مؤسسة آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية»، والتي قدمت الكثير من المساعدات، لتمكين الشباب، وعلاج الأطفال، وتقديم العون لكل محتاج، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على أن المغفور له، الشيخ حمدان بن راشد، سلك مسلكاً مغايراً في طريقة تقديم العمل الإنساني، وجعله نموذجاً يستفاد منه، لتحويل العمل الخيري لعمل تطويري، يمكّن المجتمعات، ويساعدها في الوقت نفسه. عمل الشيخ حمدان بن راشد، تغمده الله برحمته، وزيراً للمالية منذ قيام الاتحاد، وكان الحافظ الأمين لدولة الإمارات وأموال شعبها، وعمل على تطوير السياسات المالية والنقدية داخل الدولة، ما ساهم في ارتقاء دولتنا وقدرتها على تكوين كيان مالي قادر على التطور والارتقاء، وقدرته على مواجهة الأزمات، حتى إنه، رحمه الله، صاحب التوقيع الأشهر في دولتنا، فجميع الأوراق النقدية الإماراتية، ممهورة بتوقيعه، وتوقيعه كان، وما زال، وسيظل، رمزاً للإخلاص للوطن وللمواطن، في حفظ مالهم، وتسيير حياتهم في التعامل المالي والنقدي، لنصل إلى ما نحن عليه من التطور الكبير، والذي يشهد للمغفور له، هذه المسيرة، وهذه الإنجازات. بكت دبي على فراق صاحب القلب الكبير، ونستذكر وقفات المغفور له، العطرة، في جميع المحافل والميادين، وفي مختلف القطاعات، حيث تبقى إنجازاته، رحمه الله، شاهدة على أن لدينا قادة مخلصين للوطن وللمواطن، عملوا منذ صغر سنهم في العمل الحكومي والوزاري، واستمر عطاؤهم حتى رحلوا إلى جوار ربهم، وهذا يدل على أننا في نعمة كبيرة، في ظل قيادة لا يثنيها عن خدمة وطنها وشعبها، إلا القدر المحتوم. رحم الله الشيخ حمدان بن راشد، وأدخله فسيح جناته، ولا يسعنا في هذا المصاب، إلا أن ندعو لفقيد الوطن بالرحمة والمغفرة، وأن نعزي أنفسنا وشعبنا، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، وآل مكتوم الكرام، بهذا المصاب الجلل، مصابكم مصاب شعب كامل، لما نحمله من حب وتقدير لهذه العائلة الكريمة، التي تشاطرنا أفراحنا وأحزاننا، وعملت وتعمل بجد، لنكون الأفضل دائماً.