سعدتُ كثيراً بالتعليقات التي وردتني حول مقالي الأخير «صح النوم يا أستاذ»، لاسيما أنها جمعت بين الإعجاب بالمضمون والتحفّظ على بعض التعبيرات التي رآها أصحابها قاسية على مقام المعلم، بل اعتبرها بعضهم تقليلاً من شأنه أو سخرية منه.
وأقول في البدء: «لم تكن الغاية قط الإساءة للمعلم، ولا أقبل أن أُفهم بهذا الشكل. فالمعلم في ثقافتنا قيمة كبيرة، لا تُختزل في بيت شوقي وحده، بل في كل أثر تركه معلم على جيل: فكرة أو سلوكاً أو توجيهاً».
لكن هل المعلم معصوم من النقد؟
وهل كل من حمل لقب معلم يُستثنى من المراجعة والتقويم؟
بل أليس من واجب من يحب المعلم حقاً أن ينبّهه إذا ابتعد عن روح التعليم، ووقف موقف المتفرّج أو المقاوم للتطور؟
«صح النوم يا أستاذ» ليست إهانة، بل جرس تنبيه، لا بنبرة الاستعلاء أو التصغير.
أما تشبيهي لبعض المعلمين بأنهم «يغطون في سبات»، فليس تعميماً على الجميع، بل إشارة إلى فئة (وهي موجودة) مازالت تُنكر على طلابها استخدام أدوات العصر، دون أن تقدّم لهم بديلاً مقنعاً. وأنا لم أنفِ وجود معلمين واعين يستخدمون الذكاء الاصطناعي، بل أراهن على أنهم سيكونون رواد التحول التعليمي إن أُعطوا المساحة والدعم.
وقد قيل إن الذكاء الاصطناعي قد يُضعف قدرات التحليل والتفكير، وأنا أوافق إذا استُخدم استخداماً سلبياً، لكن كل أداة في التاريخ (من العجلة إلى الحاسوب) حملت هذا الاحتمال. الفارق دوماً في المنهج التربوي، لا في الأداة ذاتها.
أما عن المطالبة بمثال واقعي، فمقال «صح النوم يا أستاذ» كان دعوة للتفكير لا تقريراً خبرياً، والحديث عن إدخال الذكاء الاصطناعي في المناهج الإماراتية ليس تنبؤاً، بل إعلان رسمي من وزارة التربية والتعليم، وقد أُدرج في خطة العام الدراسي المقبل.
وفي النهاية، أُكرر شكري لكل من قرأ أو اختلف أو انتقد. فالمعلم الحقيقي لا يُغضبه النقد، بل يُسائله. والمفكر لا يكتب ليُصفق له الناس، بل ليهتزّ الجمود.
وإن كنتُ قاسياً في بعض «المواقف»، فلأنني حريص على «الرسالة»، ولأن الزمن لا يرحم من يظل واقفاً على عتبات الأمس.
twitter.com/dryalsharif
www.ysalc.ae
*محامٍ وكاتب إعلامي