لطالما كان الهدف من المناهج التعليمية تقديم تعليم شامل يُغطي مختلف جوانب المعرفة، لكن تدريس عدد كبير من المواد قد يثقل كاهل الطلاب ويزيد الضغط النفسي والجسدي عليهم.
من هذا المنطلق يبرز السؤال: هل يجب التفكير في آلية لقياس ميول الطلاب بعد الصف السادس، وتوجيههم نحو التخصص في المجالات التي تناسب شخصياتهم؟
تُظهر التجارب أن السماح للطلاب باختيار التخصصات والمواد التي يرغبون في دراستها يسهم في تحسين تحصيلهم العلمي، لكن يُثار القلق من أن هذا النهج قد يؤدي إلى فقدان الشمولية في التعليم.
قد لا يكون جميع الطلاب على استعداد لاتخاذ قرارات مهمة بشأن مستقبلهم الأكاديمي، فالقرار يتطلب نضجاً وفهماً عميقاً للذات، وهو ما قد لا يكون متوافراً لدى البعض في هذه المرحلة، ما يؤكد الحاجة إلى إرشاد مستمر من المعلمين وأولياء الأمور.
الحل الأمثل قد يكمن في اعتماد نموذج هجين يجمع بين التعليم الشامل والمتخصص، على سبيل المثال يمكن للطلاب بعد الصف السادس الاستمرار في دراسة مواد أساسية مشتركة، مع إعطائهم الفرصة لاختيار بعض المواد الاختيارية التي تتوافق مع ميولهم، هذا التوازن يمكن أن يحافظ على شمولية التعليم ويمنح الطلاب في الوقت نفسه الحرية لتوجيه طاقاتهم نحو ما يناسبهم.
لا نستطيع أن ننكر أن أغلب خريجي الثانوية العامة وفق المعطيات الحالية لا يستطيعون أن يحددوا خيارهم التخصصي الناجح، فبعضهم يدرس ما فرضه أو طلبه أحد والديه أو كلاهما، وآخر يريد إرضاءهما، وثالث معدل نجاحه لم يمكنه من دراسة ما يحب ويعشق كون معدله العام لم يسعفه بسبب ضعف درجاته في المواد التي لا يستسيغها، ورابع خيارات الجامعة فرضت عليه دخول الخيار الثالث الذي وضعه كتحصيل حاصل، والخامس فشل بعد العام الأول أو الثاني وغيّر تخصصه، وزميله الذي في حاله نفسها ترك الجامعة كُلياً.
في الختام، يمكن القول إن تبني نهج أكثر تخصصاً قد يكون له تأثير إيجابي في تحصيل الطلاب، لكن يجب أن يتم بحذر لضمان الاستفادة منه دون إخلال بجودة التعليم.
*محامٍ وكاتب إعلامي
twitter.com/dryalsharif
www.ysalc.ae